الصابون النابلسي.. ثروة اقتصادية وحضارية يستهدفها الإرهاب الصهيوني
فيديو كيفية صناعة الصابون
ثروة اقتصادية عبر
العصور
تعرضت صناعة الصابون في نابلس بعد عام
1930 لقلاقل وهزات أثرت فيها بشكل بالغ ومنها عدم حماية الاسم التجاري مما شجع
البعض على تقليد العلامات التجارية المشهورة، وكذلك الضريبة الجمركية التي فرضتها
مصر على تصدير الصابون إلى مصر بإيعاز من حكومة الانتداب ورسوم الاستهلاك التي
فرضتها سوريا على الصابون النابلسي، بالإضافة إلى سماح سلطات الانتداب البريطاني
باستيراد الصابون الأجنبي وتشجيعها لليهود بإنشاء مصانع للصابون المصنوع من الزيوت
والشحوم النباتية والحيوانية الرخيصة.
ورغم كل هذه الضربات ظل الصابون
النابلسي محافظا على مكانته، وفي عام 1938 بلغ مجمل الصادرات من فلسطين إلى مصر 60
ألف جنيه وشكل الصابون النابلسي أكثر من ثلثيها حتى إن بعض مصانع الصابون كانت تسوق
كامل إنتاجها في الأسواق المصرية.
ولا تتوفر أرقام دقيقة حول الكميات
المنتجة من الصابون النابلسي في الوقت الحاضر ولكن سجلات الغرفة التجارية تشير إلى
أن الصابون النابلسي يحتل مكان الصدارة في صادرات نابلس إلى الخارج فقد شكل الصابون
نسبة 41.5 بالمائة من حجم
الصادرات عام 2001 وانخفضت هذه النسبة عام 2002 إلى 36.2
بالمائة عام 2002 ويعتقد أن هذا الانخفاض ناتج بشكل أساسي
عن تدمير قوات الاحتلال ثلاثة مصابن خلال عملية السور الواقي في نفس العام وهذه
المصابن هي مصابن كنعان والنابلسي والرنتيسي ، وكذلك شهد العام 2002 حظرا على التجول وإغلاقا طويلاً فرضته قوات الاحتلال استمر لعدة أشهر وأثر سلبا على مختلف الصناعات في
المدينة.
وبلغ عدد مصانع الصابون في نابلس في
أواخر القرن التاسع عشر 30 مصنعا ، إلا أن هذه المصابن أخذت تختفي شيئا فشيئا حتى
بلغ عددها في العام 1904 ستة عشر مصبنة تراوح إنتاجها السنوي ما بين 500 – 1000 طن
. وعشية اندلاع الحرب العالمية الأولى ارتفع عدد مصانع الصابون في نابلس من جديد
ليصل إلى 29 مصبنة منها 23 مصبنة كبيرة و6 صغيرة تنتج ما بين 2400 – 2640 طنا من
الصابون .
وحسب سجلات غرفة تجارة وصناعة نابلس
فقد بلغ عدد المصابن المسجلة رسميا في الغرفة حتى نهاية العام 2002 (28) مصبنة ،
ولكن كما هو معلوم فإن عددا كبيرا من هذه المصابن متوقفة عن الإنتاج منذ سنوات
وبعضها الآخر قلّص إنتاجه بشكل كبير بسبب نقص الطلب على هذا النوع من الصابون مع
ازدياد المنافسة من قبل الصابون الصناعي ، كما يضم العدد المذكور المصابن الثلاث
التي دمرتها قوات الاحتلال.
ويواجه الصابون النابلسي إلى جانب
عدوان الاحتلال سلاح المنافسة الشديدة من قبل الصابون الصناعي الكيماوي بمختلف
أصنافه ، وفي الوقت الذي يتجه العالم المتقدم نحو المنتجات الطبيعية الخالية من
الكيماويات ،فإن الشعوب العربية -وللأسف- لا زالت تلهث وراء كل ما هو مصنّع
كيماوياً وتعج شاشات التلفزة يوميا بالإعلانات التجارية لمئات الأصناف من منظفات
الشعر والغسيل والأواني .
حرفة الآباء
والأجداد
يرجع بعض المؤرخين تاريخ صناعة الصابون
في نابلس إلى أكثر من ألف عام مضت مستدلين على ذلك بالكثير من الكتابات التي دوّنها
الرحّالة والمؤرخين القدماء ومنهم "المقدسي" الذي عاش في القرن العاشر الميلادي،
وأول وصف لصناعة الصابون جاء على لسان شمس الدين محمد بن أبي طالب الأنصاري الدمشقي
الملقب بشيخ الربوة بأن الصابون كان يصنع في المدينة ويحمل إلى سائر
البلاد.
وفي زمن الاحتلال الصليبي نالت نابلس
شهرة كبيرة في هذه الصناعة التي أصبحت حكرا ملكيا حيث كان الملك هو المسئول عنها
وكان يحظر على أصحاب المصانع ممارسة هذه الصناعة إلا بعد أن يمنحهم ملك بيت المقدس
عقدا يسمح لهم فيه صنع الصابون، وضمن بذلك الملك موردا ماليا جيدا وثابتا من أصحاب
المصانع.
ويعتقد أن هذه الصناعة انتقلت على أيدي
الصليبيين إلى أوروبا وخاصة فرنسا فتأسست مصانع الصابون من زيت الزيتون في مرسيليا
وكانت هذه المصانع تحضّر الصابون بطريقة مشابهة لطريقة تحضير الصابون النابلسي،
وانتشرت هذه الصناعة في انجلترا في القرن الرابع عشر.
وقد شكل الصابون سابقا أحد أهم السلع التي كان يتاجر بها تجار نابلس،
وقد كان التجار يجوبون مدن سوريا الشمالية لتسويق ما لديهم من صابون وكانت بضاعتهم
تلقى رواجا كبيرا في تلك المدن التي كان سكانها يستعملون الصابون النابلسي بكثرة
باعتباره أجود أنواع الصابون.
ولا يعرف على وجه التحديد من هو مبتكر
هذه الصناعة، وهل وجدت في نابلس أم نقلت إليها من مدينة أخرى، ولكن الثابت أن هذه
الصناعة وجدت لها في نابلس البيئة والظروف المناسبة والتي ساعدت على تمركزها في هذه
المدينة أكثر من غيرها، ولعل من أهم الأسباب التي ساعدت في ذلك وفرة زيت الزيتون في
منطقة نابلس ومحيطها والذي هو المادة الأساسية في صناعة
الصابون.
كما كان لانتشار الحمامات التركية
العامة في المدينة دور في استمرار هذه الصناعة وزيادة الطلب عليها، فقد ارتبط
الصابون النابلسي قديما بالحمامات العامة إذ كان العامل ينتهي من عمله مساءً ويشتري
قطعة من الصابون ويذهب بها إلى أحد الحمامات ليغتسل.
الموضوع كتير حلو يسلموا يا جماعة
ردحذف